الاثنين، 5 يونيو 2017

أكدت شفافية الدبلوماسية الإماراتية..«ديلي بيست»: خَدَعَنا القراصنة..«رسائل العتيبة» ترتد صفعة مدوية على قطر

إعداد: عمار عوض
مع الساعات الأولى من صباح يوم السبت، انطلقت فقاعة مملوءة بالهواء في دهاليز المواقع الأمريكية، مضمونها أن مجموعة «قراصنة» قالت إن لديها قائمة رسائل تمت قرصنتها من البريد الإلكتروني لسفير الدولة في واشنطن، يوسف العتيبة، ولكن المفاجأة أن كبريات الصحف الأمريكية لم تتعامل مع هذه الفقاعة، بينما سارعت صحف ومواقع قطرية أو مدعومة منها في اتخاذ هذه المسرحية مطية للإساءة إلى الإمارات وعلاقاتها الدولية وخصوصا مع المملكة السعودية، وقد حاول الإعلام القطري الوقيعة بين البلدين لكن النتيجة كانت عكسية تماما.وفي الولايات المتحدة رفضت كبريات الصحف الأمريكية ذات الوزن الثقيل الانصياع لإغراء الجماعة المقرصنة، ما عدا صحيفة «هافنغتون بوست» التي تدير قطر النسخة العربية منها، إلى جانب موقع صحيفة «ديلي بيست» التي سرعان ما عادت ونشرت، امس، ما يشبه الاعتذار، وقالت إن الجهة التي قامت ب«قرصنة البريد الإلكتروني» للسفير العتيبة خدعتها، وأوهمتها بأن التسريبات تحوي أسراراً من الوزن الثقيل، ولكنها أي «ديلي بيست»، عندما قامت باستلام ال55 رسالة التي جرى تصويرها بكاميرا رقمية بعد «سرقتها» من حساب السفير، وجدت أنها ليست بمستوى الضجة التي أثيرت حولها.
تعود تفاصيل القضية التهكير إلى أن مجموعة من القراصنة تطلق على نفسها اسم «جلوبال ليكس»، وربطوا أنفسهم ب«دكليكس»، الذي يصفه
مجتمع الاستخبارات الأمريكي بأنه موقع إلكتروني تديره روسيا، وهو ما يعني أن قراصنة بريد العتيبة يحاولون إعطاء الانطباع بأنهم من روسيا، في وقت نفى فيه موقع «سبوتينج» الروسي أن تكون لموسكو علاقة بالبريد المهكر، فيما نقل عن صحيفة «ديلي بيست» الأمريكية اكتشافها لتعرضها لخدعة حاول بها مسربو الرسائل الإلكترونية للسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، إيهام عدد من وسائل الإعلام بأن ما حصلوا عليه من تسريبات يحوي أسراراً ذات أهمية أكبر من حجمها الحقيقي، لتحقيق أغراض سياسية.

وقالت الصحيفة إن العينة التي قدمها لهم المسربون مكونة من 55 صفحة، يبدو أنها صورت بواسطة كاميرا ذكية، وادعى المسربون أنهم حصلوا على هذه التسريبات من جماعة لوبي أمريكي، متهم بعلاقته مع قطر من عدة دوائر ، اخترقت حساب البريد الإلكتروني «هوتميل» الخاص بالسفير، وحاول المسربون إقناع أكثر من وسيلة إعلام أمريكية بأهمية الرسائل التي حصلوا عليها من عملية القرصنة، لشن حملة تشويه ملفقة.
وشددت «ديلي بيست» على أن الرسالة التي أرفقها مجهولون بالتسريبات جاءت بطريقة تختلف عن فحوى الرسائل في الرسائل المسربة، حيث ادعى المسربون المجهولون أن تسريباتهم تحتوي على أسرار خطرة، ونقلت الصحيفة الأمريكية عن لمياء جباري، المتحدثة باسم السفارة الإماراتية في واشنطن، قولها: أنا على يقين بأن الديلي بيست ليست الجهة الوحيدة التي تلقت مثل هذه الرسالة.
واختتمت الصحيفة الأمريكية قولها بأنه مهما كان المقصود تحقيقه من وراء هذه التسريبات فإن محتواها لا يصل إلى مستوى الأسرار الهائلة الذي تشير إليه الرسالة المرفقة مع التسريبات، وبالتالي فقد خاب مسعى من كان ينتظر نشر هذه التسريبات مع هذا التهويل الإعلامي.
وبالنظر إلى محتوى ال55 رسالة التي تعود ما بين العام 2014 والشهر الماضي، فليس فيها ما يشين علاقة الإمارات العربية بمحورها الطبيعي في الخليج، أو الوطن العربي، ويكفي سفير الدولة أنه في كل التعريفات التي تسبق اسمه في الصحافة الأمريكية وصفة بأنه أقوى الشخصيات العربية في واشنطن، بحسب ما أشارت إليه صحيفة «واشنطن بوست» في يوم الخميس الماضي.
وقالت إن السفير مؤثر جداً في سياسة الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب، وكان موقع «انترسبت» الذي نشر جزءاً من التسريبات وصف يوسف العتيبة بأنه «واحد من أقوى الشخصيات في واشنطن»، وهذا إنجاز للإمارات أن يكون سفيرها من الشخصيات القوية في عاصمة القرار في العالم.
وعطفاً على الرسالة التي جاء فيها أنه قال «يجب علينا أن ندعم محمد بن سلمان بكل الوسائل المتاحة»، نجد أنه ليس هناك منقصة في ذلك، خاصة في ظل العلاقة الاستراتيجية التي تربط الشقيقتين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، فنجاح ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي هو من نجاح الدولة، خاصة أن السياسة المعلنة للإمارات هي الحفاظ على استقرار وأمن كل الدول الخليجية والعربية، وأن السعي لنجاح ابن سلمان أفضل من السعي لتبييض وجه الجولاني في سوريا، أو أبوسياف في الفلبين، وجماعات التطرف المختلفة، مثلما تفعل الدعايات القطرية.
وبالعودة إلى محتويات الرسائل، نجد أنها ربطت بين السفير العتيبة وصهر ترامب، ومستشارة الشرق الأوسط جارنيد كوشنير، وهنا قمة جبل ضعف هذه التسريبات، إذ إن من الطبيعي أن تكون علاقة السفير «متينة» بمستشار شؤون الشرق الأوسط، وإذا تقدمنا قليلاً في تصفح هذه الرسائل نجد أنها في واحدة منها رسائل متبادلة مع الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية، وهي علاقة طبيعية ما بين الدبلوماسية الرسمية ومؤسسات الفكر والديمقراطية، وليس في ذلك ما يشين.
وبالنظر لمحتوى الرسائل مع الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطية مارك دوبويتز، والسفير العتيبة، نجد أنها تحوي قائمة مستهدفة للشركات التي تستثمر في إيران، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية. وتضمنت المذكرة المرفقة قائمة بالشركات غير الأمريكية التي لها عمليات في المملكة العربية السعودية، أو الإمارات العربية المتحدة التي تتطلع إلى الاستثمار في إيران بغرض تخيير هذه الشركات ما بين العمل في الإمارات، أو العمل في ايران، وهو عمل يصب في صميم الدبلوماسية الاقتصادية، إذ ليس من المعقول أن تستثمر شركة في البلد المعين، وعدوه في الوقت نفسه.
كما أن موقف الإمارات العربية من دولة مثل إيران تحتل 3 من جزرها، وتناصبها العداء في المحاور العربية، وتتدخل في شؤون دول الخليج والعالم العربي، هو موقف إماراتي معلن ولا يحتاج لكشف أسرار، أو تهكير بريد إلكتروني، كما تفعل قطر وحليفتها إيران اللتان تعلنان غير ما تبطنان، وتنفذان عكس ما يتم الاتفاق عليه.
وحوت رسائل متبادلة من أقطاب المركز لمقابلة شخصيات إماراتية رفيعة المستوى من قبل كل من مدير البحوث جوناثان شانزر، وجون هانا مستشار الرئيس بوش الأسبق، ويحتوي جدول الأعمال بحسب الرسالة «قناة (الجزيرة)» كأداة لعدم الاستقرار الإقليمي والتطرف والسياسات الأمريكية أو الإماراتية المحتملة للتأثير إيجابياً في الوضع الداخلي الإيراني و»احتواء العدوان الإيراني وهزيمته».
وتشمل الردود السياسية التي ستناقشها أدوات سياسية واقتصادية وعسكرية واستخباراتية، وهو كله عمل مشروع ومعلن ضمن سياسات الإمارات العربية، وليس في قول هانا: «إن علاقتي مع السفير عتيبة تعود إلى سنوات، بما في ذلك وقتي في الحكومة وخارجها»، ليس فيه ما يحتاج إلى قراصنة لكشفه إذ إن الرجل تزامن عمله في مجلس الأمن القومي مع وجود السفير في سفارة الدولة في واشنطن.
* الإعلام القطري يفشل في إحداث الوقيعة بين الإمارات والسعودية وانعكس السحر على الساحر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق