الجمعة، 4 مايو 2018

نعمة البصر..خطبة الجمعة اليوم بجميع مساجد الدولة

الخطبة الأولى
الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وأنعم عليه بالبصر، سبحانه يحب من حمد نعمه وشكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله القادر على كل شيء، قال تعالى:( قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون).
أيها المسلمون: يقول الله عز وجل:( وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها). ونعم الله علينا كثيرة، يذكرنا بها سبحانه كي نشكره، ونعرف قدرها فنحمده، ونعمة البصر من أعظم النعم أثرا، امتن الله تعالى بها على الإنسان فقال عز وجل:( ألم نجعل له عينين). أي: ليبصر بهما. ويدرك عظيم تدبير الله تعالى في كونه، وتسييره لمخلوقاته في الليل والنهار، قال سبحانه:( يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار).
وجعل الله تعالى النهار بضيائه وإشراقه لنبصر به معايشنا، وننظر في جمال هذا الكون، وتلك نعمة كريمة نبهنا الله عز وجل إليها، فقال سبحانه:( قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون). فنعمة البصر تستحق الشكر، قال عز وجل:( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون).
عباد اللهفكيف نشكر الله سبحانه وتعالى على نعمة البصر؟ نشكره بأن نستخدمها فيما أمرنا الله سبحانه به؛ فنعمل بقوله تعالى:( قل انظروا ماذا في السموات والأرض). أي: انظرواللآيات الدالة على عظمة الله، وبديع خلقه، وإتقان صنعه، قال سبحانه:( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت).
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقع بصره على شيء إلا تأمل قدرة الله فيه، فكيف كان يوم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نعمة البصر؟ كان صلى الله عليه وسلم يبدأ يومه بذكر الله تعالى، فإذا رأى الفجر قال:« سمع سامع بحمد الله ونعمته، وحسن بلائه علينا، اللهم صاحبنا، فأفضل علينا». أي: ليسمع السامع، وليشهد الشاهد على حمدنا لربنا تعالى على نعمه وحسن إنعامه علينا، اللهم احفظنا، وأفضل علينا بجزيل نعمك.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمد الله عز وجل إذا رأى في يومه ما يحب أو يكره، فإذا رأى ما يحب قال:« الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات». وإذا رأى ما يكره قال:« الحمد لله على كل حال». فإذا رأيت نعمة أنعم الله بها عليك، أو رأيت مبتلى فاحمد الله عز وجل، وذلك من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قال:« من رأى مبتلى فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء». وإذا رأيت أثر نعمة الله تعالى عليك أو على غيرك؛ فادع بالبركة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« إذا رأى أحدكم من أخيه، أو من نفسه، أو من ماله ما يعجبه، فليبركه». وفي رواية:« فليدع له بالبركة». حتى يرد عليك ملك ويدعو لك بمثله.  
وحين ترى خيرا فادع الله تعالى أن يبارك فيه، فإن الصحابة الكرام رضي الله عنهم كانوا إذا رأوا أول الثمر جاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا أخذه صلى الله عليه وسلم قال:« اللهم بارك لنا في ثمرنا». وما رأى صلى الله عليه وسلم شيئا إلا سأل الله تعالى خيره واستعاذ به من شره، فإذا رأى صلى الله عليه وسلم ناشئا -أي: سحابا- قال:« اللهم إني أعوذ بك من شر ما فيه، فإن كشفه الله حمد الله، وإن مطرت قال: اللهم صيبا نافعا». أي: اللهم اجعله غيثا نافعا لا ضرر فيه.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال دعا الله قائلا:« اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام، ربي وربك الله». وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم نعمة البصر في طاعة الله سبحانه.
عباد الله: إن غض البصر من أعظم الشكر لهذه النعمة؛ طاعة لله سبحانه القائل:( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم). قال أحد المفسرين: من حفظ بصره؛ أورثه الله نورا في بصيرته. لأنه راقب الله عز وجل في نظراته، وعلم أن نظر الله تعالى إليه أسرع من نظره إلى من يريد النظر إليه، فعمل بقوله سبحانه:( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا). وغسل الوجه في الوضوء طاعة تمحى بها سيئات العينين، قال صلى الله عليه وسلم :« إذا توضأ العبد المسلم -أو المؤمن - فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء -أو مع آخر قطر الماء». والمراد بخروجها مع الماء غفرانها، لتبقى هذه النعمة العظيمة طاهرة نقية، ويكون بصرك بابا إلى مرضاة الله وجناته. وعلى قدر النعمة يكون أجر فقدها، قال النبي صلى الله عليه وسلم :« إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه -أي: بعينيه- فصبر، عوضته منهما الجنة». فاللهم متعنا بأبصارنا، واجعلنا لك شاكرين طائعين، وبرسولك صلى الله عليه وسلم مقتدين، ووفقنا لطاعتك أجمعين، وطاعة رسولك صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).      
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم،
وبسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم،
فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله، الذي جاء بالصدق والهدى والبينات، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل.
أيها المصلون: إن من شكر نعمة البصر استخدامها فيما يعود على الوطن بالاستقرار والسكينة والاطمئنان، وهذا من أعظم القربات وأفضلها عند الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله». فبشر النبيصلى الله عليه وسلم  حراس الوطن وحماته بالفوز بالجنة، والنجاة من النار.
وإن العز والفخر ليتحقق بالقوات المسلحة الإماراتية التي تسهر لحماية الوطن والمحافظة على استقراره، ورد عادية الأعداء، فندعو الله تعالى لها في ذكرى توحيد القوات المسلحة الإماراتية أن يبارك في رجالها الأبطال، ويجزيهم خير الجزاء على جهودهم المباركة في ميدان القتال، فهو نعم المولى ونعم النصير.
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه، قال تعالى:( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا».
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين.
اللهم ارحم شهداء الوطن الأوفياء، وارفع درجاتهم في عليين مع الأنبياء، واجز أمهاتهم وآباءهم وزوجاتهم وأهليهم جميعا جزاء الصابرين يا سميع الدعاء.
اللهم انصر قوات التحالف العربي، الذين تحالفوا على رد الحق إلى أصحابه، اللهم كن معهم وأيدهم، اللهم وفق أهل اليمن إلى كل خير، واجمعهم على كلمة الحق والشرعية، وارزقهم الرخاء يا أكرم الأكرمين. اللهم انشر الاستقرار والسلام في بلدان المسلمين والعالم أجمعين.
اللهم وفق رئيس الدولة، الشيخ خليفة بن زايد لكل خير، واحفظه بحفظك وعنايتك، ووفق اللهم نائبه وولي عهده الأمين لما تحبه وترضاه، وأيد إخوانه حكام الإمارات.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحم الشيخ زايد، والشيخ مكتوم، وشيوخ الإمارات الذين انتقلوا إلى رحمتك، اللهم ارحمهم رحمة واسعة من عندك، وأفض عليهم من خيرك ورضوانك. وأدخل اللهم في عفوك وغفرانك ورحمتك آباءنا وأمهاتنا وجميع أرحامنا ومن له حق علينا.
اللهم احفظ لدولة الإمارات استقرارها ورخاءها، وبارك في خيراتها، وأدم عليها الأمن والأمان يا رب العالمين.
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا غيثا مغيثا هنيئا واسعا شاملا، اللهم اسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض.
اذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم.
وأقم الصلاة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق