جنيف في 15 اكتوبر/وام
ترأست معالي الدكتورة أمل عبدالله القبيسي أعمال الجمعية 131 للاتحاد البرلماني الدولي في جنيف بسويسرا بطلب من معالي عبدالواحد الراضي رئيس الاتحاد.
وقالت معالي القبيسي إن هذه الثقة نابعة من العمل الجاد الذي تقوم به الشعبة البرلمانية الإماراتية في جميع اجتماعات وأنشطة الاتحاد البرلماني الدولي ومشاركتها الفاعلة في مختلف اللجان ومساهماته الواضحة في تقديم الدعم الفني اللازم في أعمال الاتحاد التي تصب نتائجها في خدمة الأهداف الاستراتيجية الرئيسية للبرلمان الدولي وتتسق مع أهداف جميع البرلمانات الأعضاء وتدعو إلى تعزيز الديمقراطية والأمن والسلم الدوليين.
حضر اجتماع الجمعية أعضاء وفد الشعبة البرلمانية الإماراتية في الاتحاد البرلماني الدولي سعاة كل من راشد محمد الشريقي وعلي جاسم أحمد وعلي عيسى النعيمي وأحمد عبيد المنصوري وفيصل عبدالله الطنيجي وسلطان سيف السماحي.
وألقت معالي القبيسي رئيسة مجموعة الشعبة البرلمانية الإماراتية في الاتحاد البرلماني الدولي كلمة الشعبة أكدت فيها على أن تجربة دولة الإمارات لتنمية دور المرأة تتناغم مع قيمنا الثقافية والدينية مؤكدة أن دولة الإمارات العربية المتحدة انتهجت منذ تأسيسها سياسات اقتصادية واجتماعية تركز بالدرجة الأولى على تنمية الفرد والمجتمع وتوفير كل الوسائل اللازمة لحياة كريمة ومستقرة وتحقيق المساواة وسد الفجوة بين الجنسين وأن المرأة الإماراتية وبدعم وتشجيع من القيادة السياسية لم تحقق مساواة دستورية وقانونية فحسب وإنما مساواة اجتماعية سواء في التعليم أو العمل أو المشاركة في اتخاذ القرار وهذا ما جعل الإمارات تحتل المركز الأول عربيا في تحقيق المساواة بين الجنسين بعد أن أصبحت المرأة تشكل قرابة ثلثي العاملين في القطاع الحكومي بالإضافة إلى أننا من ضمن أفضل ثلاثين دولة على مستوى العالم في مؤشر التنمية المتعلق بتمكين المرأة وفق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العامين الماضيين.
وأضافت القبيسي إن تلك النتائج جزء أساسي من إيمان قيادة دولة الإمارات وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" و صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وجهود أهم شخصية نسائية إماراتية سعت لتنمية المرأة والأسرة وهي سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الاعلى لمؤسسة التنمية الاسرية رئيسة المجلس الاعلى للأمومة والطفولة"ام الامارات" ونتائج كل تلك الجهود والسياسات أن دولة الامارات استطاعت أن تخلق ثقافة قائمة على التسامح والانفتاح على الشعوب والثقافات المختلفة باعتبار أساسا للاستقرار والتنمية والسلام العالمي ونبذ العنف والتطرف والإرهاب إن حالة السلام التي تعيشها دولة الإمارات هي نتيجة لجهود متكاتفة بين القيادة والشعب.
وأكدت أن القيم متجذرة في وجداننا وفي سياساتنا الداخلية والخارجية فاحترام قواعد حسن الجوار وسيادة الدول وحل النزاعات بالطرق السلمية باعتبارها عناصر استقرار هي الأصل في التزام دولة الإمارات الدعوة الحضارية المستمرة لحل الخلافات مع الجارة إيران بشأن احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى بالطرق السلمية أو التحكيم الدولي.
مشيرة إلى أن وجود دولة الإمارات بين 20 من أكثر الدول المانحة عطاء هو جزء من ذلك الفهم المتجذر في قيمنا الإنسانية والثقافية بأننا جزء من الإنسانية وأن ما يضر إنسانا ما في قارة بعيدة اليوم قد يضرنا غدا.
وكانت القبيسي قد بدأت الكلمة بتحية الإسلام مشيرة إلى أنها تحية ترتكز على قيمتين أساسيتين هما السلام والرحمة مضيفة إن البدء بتمني السلام والرحمة هو أكثر ما نحتاجه اليوم لاسيما وأن اجتماعنا ينعقد في ظل أوضاع دوليه معقده جعلت تحقيق السلام والأمن العالميين ونبذ العنف والتطرف من أبرز مطالب الشعوب ليس في المنطقة العربية بحسب بل في مختلف دول العالم فسعادة الشعوب ورفاهيتها هي الغاية القصوى التي تنشدها جميعا.
أضافت معالي القبيسي أنه من على هذا المنبر نود أن نعرب عن بالغ القلق إزاء ما تشهده المنطقة من أشكال التطرف والإرهاب وزرع الفرقة بين أبناء الشعب الواحد.. مشيرة إلى أن التفرقة كانت دينية أم مذهبية أم عنصرية هي أحد جذور الكراهية التي تؤدي إلى الاقتتال وتهديد الأمن وما نراه اليوم من ممارسات مخل ة بحق الحياة البشرية والكرامة الإنسانية ما هي إلا نتيجة الكراهية التي أنبتتها التفرقة بين البشر.. وللأسف فإن تلك الكراهية وما ينتج عنها لم تبق حبيسة منطقة واحدة بل باتت تشكل تهديدا خطيرا على الأمن والسلم الدوليين في ظل تنامي التنظيمات الإرهابية المسلحة و ماتقوم به من أعمال وحشية تتمثل في القتل العشوائي والإعدامات الجماعية واختطاف وترويع للآمنين الأبرياء من النساء والأطفال وتهديد للأمن القومي والدولي.
وأشارت معالي القبيسي أن الكراهية لا تزال تلبس عباءة الدين كما فعلت على مر العصور وتستغل الديانات السماوية التي خرجت لتوحد بين البشر في القيم والممارسات لتصبح وسيلة للتفرقة بينهم ولقد اجتمع العالم ليواجه الممارسات الإرهابية ضد البشر التي يسوغها البعض باسم الدين تارة وباسم الدولة تارة أخرى ولكننا يجب أن نجتمع أيضا لنواجه انعدام آفاق التنمية وقصور التعليم عن زرع القيم الأساسية التي تحترم الإنسان وتحرم دمه وكرامته وإن نظرتنا كبرلمانيين وممثلين لضمير الأمم تحتم علينا أن ننظر إلى مجتمعاتنا لنحدد كيف يمكن أن نحد من تحول الاختلاف إلى مبرر للكراهية وتحول الكراهية لمبرر لانتهاك الإنسانية.
وأكدت على أنه على برلمانات العالم أن تعمل على نبذ الارهاب والتطرف بكافة أشكاله وأن تلتزم باستراتيجيات وسياسات وآليات عمل مكافحة الإرهاب على أن تتوافق هذه التدابير مع قواعد القانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي للاجئين.. ولكن على برلمانات العالم ألا تغفل عن أن التنمية الشاملة المتوازنة والتي تحقق العدالة والكرامة لجميع أفرادها هي وسيلتنا الفعلية لتنمية مجتمعات سوية تنبذ مفاهيم التطرف والإرهاب.
وأشادت معاليها باختيار قضية المساواة بين الجنسين ومكافحة العنف ضد المرأة كأساس للمناقشات العامة في هذا المؤتمر ولا تأتي أهمية هذا الموضوع فقط من الإعلانات الدولية وفي مقدمتها إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان التي يؤكد على المساواة في القانون وفي المواقف الاجتماعية وتأمين العمل والأجر المتساوي بين الجنسين أو بعبارة شاملة التكافؤ بين الجنسين في كافة الحقوق والامتيازات وإنما تبرز هذه القضية لأنها في قلب التطورات الدولية التي يشهدها العالم والعنف الذي تشهده الكثير من مناطقه خاصة منطقة الشرق الأوسط والتي كانت المرأة فيه أحد الضحايا الأساسيين.
وقالت معالي القبيسي إن المتتبع لحالات العنف الجنسي وغير الجنسي يجد أن معدلاته زادت بنسبة فاقت 50 في المائة ما كان عليه الوضع في 2005 بسبب تمدد موجة الإرهاب الدولية ففي الوقت الذي كانت فيه المرأة رمزا للشرف الوطني والتكريم في الأديان و الأعراف الدولية لدى كافة الشعوب إلا أنها اليوم يتم استغلالها والتنكيل بجسدها من قبل التنظيمات الإرهابية دون أي مراعاة للقيم الدينية والمجتمعية التي جبلت عليها المنطقة وأهلها.
وأشارت رئيسة الوفد أن الشعبة البرلمانية الإماراتية تدعو للتصدي لظاهرة العنف ضد النساء في مناطق الصراعات لأن فيها امتهان للإنسانية جمعاء ونحن نطالب من على هذا المنبر بتبني استراتيجية دولية مشتركة تقوم على مبادئ وقواعد القانون الدولي ومؤسسات الشرعية الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة لتجريم العنف ضد النساء لاسيما في مناطق الصراعات ورفعه إلى مستوى جرائم الحرب مؤكدة أن العنف ضد النساء مرفوض وغير أخلاقي في أي مكان أو زمان ولكن في ظروف الحروب والصراعات التي تصبح المرأة فيها أضعف ما يمكن وأكثر تعرضا للمخاطر دون حماية من قانون أو مجتمع فإن الوقفة الحازمة للشرعية الدولية هي الجزء الوحيد الذي لا يجب أن نتخلى عنه.
وقالت أنه بهذه المناسبة أوجه التحية والتقدير للمرأة الفلسطينية التي ما زالت تكافح بإصرار لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي الذي زادت بشاعة أعماله بعدوانه الأخير على غزة فالمرأة والطفل الفلسطيني يمثلون أكثر من 80 في المائة من ضحايا العدوان الإسرائيلي وهذا مؤشر خطير يقلل من فرص استدامة أي سلام وعليه فإننا ومن منطلق مسئوليتنا تجاه النساء في مناطق الصراعات فإننا ندعو لضرورة توفير الحماية الدولية العاجلة للشعب الفلسطيني بكل فئاته والنساء والأطفال تحديدا وأن تقوم جميع المنظمات الدولية المعنية بالمرأة بمسؤوليتها تجاه المرأة الفلسطينية لتمكينها من الحصول على حقوقها الإنسانية المشروعة من حماية وتمكين وحرية لا يمكننا أن نستمر في التظاهر بأن ما يحدث في فلسطين من عدوان ضد النساء والأطفال لا علاقة له بما يحدث في مناطق صراعات أخرى.. ووجهت القبيسي تحية خاصة لـ ملالا يوسف زاي كمثال للفتاة الشابة المناهضة للعنف.
وأكدت القبيسي إن المرأة هي حاضنة الأجيال وصانعة الوجدان الثقافي للشعوب ومحور القيم الأخلاقية والإنسانية وعليه فإننا نطالب بعقد مؤتمر دولي حول دور المرأة في مكافحة التطرف انطلاقا من دورها في بناء وعي الأجيال ورفع الوعي بأهمية دور المرأة في التربية ونقل القيم لا يمكن أن يحدث دون تشريعات تحمي تلك الأمهات في مناطق الصراعات.
واختتمت القبيسي كلمة الشعبة بالقول إن التطرف والعنف والإرهاب ظواهر وليست أسباب ويجب علينا أن ننظر مليا إلى جذور الإرهاب والتطرف قبل أن نبدأ في حل الظواهر.
/ياس/
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق