الاثنين، 6 يناير 2014

قبل وفاته:سألقاهم جميعا ًعند ربي..وسأترقبهم جميعا ًهناك..!!حصاد السنين..بقلم المرحوم فريق أول شرطة مالك أمين نابري


حصاد السنين .. بقلم : فريق أول شرطة : مالك أمين نابري

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أنا مالك أمين نابري .. فريق أول شرطة بالمعاش من مواليد مدينة سنجة وكان والدي – رحمه الله – من كبار تجار النيل الأزرق وكانت له محلات تجارية في السوكي وسنجة والروصيرص والكرمك ، وكان له مشروع زراعي آلي بأقدي الغربية بالدمازين ولكنه نزع عام 1972 لعدم إستيفائه الشروط المطلوبة.
    وفي أبريل 1973م وكنت آنذاك مديرا ً لشرطـة النيل الأزرق في رتبة - عميد شرطة - قابلت السيد / عباس عبد الماجد مدير هيئة الزراعة الآلية آنذاك في مكتبه وكان يعرفني جيدا ً حيث عملنا سويا ً في الابيض وفي ودمدني وطلبت منه منحي مشروعا ً زراعيا ً بأقدي الغربية بالدمازين بعد أن شارفت علي بلوغ سن التقاعد .. فرحب بالفكرة ولكنه قال لي ( إنك الآن موظف حكومة ولايمكن تسجيل المشروع بإسمك فهل عندك شخص تثق فيه ليحوله بإسمك فيما بعد ؟ ) فقلت له (علي الفور): ( يمكن تسجيله بإسم صديقي ...... ، حيث أنه صديق حميم وهو موضع ثقتي المطلقة ورجل مقتدر ويحب لي الخير ).
    وفعلا ً تم إستخراج التصديق بإسم صديقي للمشروع رقم 350 بأقدي الغربية بالدمازين والبالغة مساحته 1500 فدان ( ألف وخمسمائة فدان ) رقم /59603 بتاريخ : 8/4/1973م وكانت عبارة عن غابة تحتاج لرأس مال كبير لتتم نظافتهاونزع جذور الأشجار من عمق كبير حتي لا تتسبب في أي أعطال للتراكترات الزراعية التي تحرث الأرض ، ولكي يتم ذلك وتصبح الأرض صالحة للزراعة إستوجب مني بيع كل ما أملك من أجل نظافة أرض المشروع الكبيرة.
    وصداقتي بصديق عمري الذي سجلت المشروع بإسمه ترجع للعام 1954م عندما كنت ضابطا ً لشرطة مركز طوكر حيث كانت لصديقي هذا بعض الأعمال هناك . ثم إلتقينا مرة ً أخري عندما نقلت عام 1969مديرا ً لشرطة البحر الأحمر بمدينة بورتسودان ومكثت بها حتي العام 1972م وكان صديقي الوفي ، ويعلم الله لم يطلب مني منذ معرفته أي خدمة لشخصه أو لغيره ، وكان من وفائه وصدق مودته أنه عندما علم بأني قد منحت قطعة أرض سكنية في الخرطوم و أنني لا أستطيع دفع رسوم الأرض .. حضر للخرطوم ودفع قيمة الأرض البالغة نحو ألفين من الجنيهات ( آنذاك ) وسلمني الإيصال عند عودته فدهشت ولم يكن عندي ما أقوله أو أفعله سوي شكري الجزيل ، وقد نمت صداقتنا حتي أصبحت صلة عائلية وثيقة.
    ظل المشروع بورا ً حتي العام 1976م عندما شاركني فيه أحد كبار التجار بالدمازين وقمنا بأخذ سلفية من البنك الزراعي بالخرطوم وتم شراء الدسك والتراكتور وقمنا بنظافة المشروع من الأشجار وباشر شريكي الإشراف علي المشروع لمدة الأربعة سنوات المتعاقد عليها وبعد أن إستخرجت له توكيلا ً من صديقي يخول له العمل بالمشروع ، وتم توثيق التوكيل أمام عبد العزيز شدوالمحامي رحمه الله ..
    عندما كان الاخ / كرار أحمد كرار – رحمه الله – محافظا ً لمديرية النيل الأزرق وكنت أنا مديرا ً لشرطتها سألني لماذا أترك المشروع بإسم صديقي ؟ فقلت له ان الأسباب لاتزال قائمة وهي إني موظف بالحكومة ، فقال لي أنه علي إستعداد لإعطائي تصديقا ً كمحافظ للمديرية يخول لي فيه العمل بالزراعة ، وقال إن قلبي معك ومع أولادك ، وكان كرار من مواليد سنجة أيضا ً وزميلي بالدراسة حتي كلية غردون التذكارية ، فقلت له ( أنا ماخايف أبدا ً من ناحية صديقي ).
    وفي مقابلة عابرة مع السيد / عباس عبد الماجد سألني عن المشروع فقلت له أنه مازال مسجلا ً بإسم صديقي .. ( فقال لي : لقد مضي زمن طويل بعد إحالتك للتقاعد وتعيينك محافظا ً للشمالية فأنت رجل مغفل وتتلاعب بحق أولادك ، فإذا مات صديقك هذا فسوف تتعقد الأمور ، وإذا مت أنا فسوف تفقد شاهدك الأول والوحيد في الموضوع ).
    كان المرحوم عبد العزيز شدو صديقا ً حميما ً لي ولصديقي ، وكان ملما ً بقصة المشروع منذ البداية وبمجرد إحالتي للتقاعد وتعييني محافظا للشمالية إتصل شدو بصديقي وقال له ( أفتكر بعد كده مافيش داعي لترك المشروع بإسمك ) ، فقال له صديقي بدون تردد ( جهز لي تنازل من المشروع لمالك وأنا سأقوم بتوقيعه). وفعلا ً جهز شدو التنازل ولكنه كان إذا بحث عن صديقي لم يجده وإذا حضر صديقي لمكتب شدو لم يجده .. وهكذا حتي داهمت المنية صديق عمري وإلتحق بالرفيق الأعلي.
    سافرت من دنقلا أنا وعائلتي وحضرنا ليالي المأتم وعندما نوينا العودة بعد مراسم العزاء قال لي إبنه الأكبر :( يا عم مالك الوالد كان كلّمنا عن المشروع ونحن علي إستعداد في أي وقت لتحويله بإسمك فهذه وصية الوالد). فقلت له شكرا ًيا إبني انني قد حضرت للعزاء في مقام صديق عمري واخي والدكم .. وهذا المشروع قديم وسوف أتصل بكم بخصوصه لاحقا ً والحمد لله إنكم علي علم به) ، ثم سافرت وعدت لمدينة دنقلا.
    ظل المشروع تحت إدارتي وكنت أدفع الرسوم المقررة حتي موسم 1988 – 1989م وفي مايو 1988م وصلتني برقية من شقيقي بمدينة سنجة يفيدني فيها بأن المشروع رقم /350 بأقدي الغربية والمسجل بإسم صديقي قد ظهر ضمن المشاريع التي تقرر نزعها . حضرت لهيئة الزراعة الآلية بالخرطوم مستفسرا ً فعلمت أنه تقرر نزعه ضمن مشاريع أخري لعدم سداد متأخرات أجرة المشروع وأخطروني بأن المبلغ المستحق دفعه هو 4400 ( أربعة ألف وأربعمائة جنيه ) فحضرت في اليوم التالي ودفعت المبلغ نقدا ً بموجب الإيصال رقم / 107478 بتاريخ 8/5/1988م وتم إخطار الدمازين تلفونيا ً بإستبعاد المشروع رقم 350 من المشاريع التي تقرر نزعها وكان قد تقرر إسبوع واحد فقط من التاريخ الذي تقرر للنزع.
    وفي عام 1983 عندما كنت رئيسا ً لمجلس الإدارة ومديرا ً عاما ً لهيئة المعارض السودانية ، رسي عطاء ترحيل الحاويات من بورتسودان لأرض المعارض ببري لأولاد صديقي المرحوم ( بتاع المشروع طبعا ً)
    وعلم الله أني كنت سعيدا ً للغاية بذلك ، إستمر عملهم علي مايرام في البداية حتي كثرت الشكاوي من عدم إلتزامهم بشروط الترحيل مما دعي إدارة الشئون المالية بالهيئة لتجميد مبلغ عشرون ألف جنيه من إستحقاقهم فرفعوا قضية ضد الهيئة وعندما وصلني الخبر إستدعيت أحدهم وهو الشقيق الأكبر وسألته عن حقيقة الأمر ونصحته بسحب القضية إذا أرادوا التعامل مع الهيئة مستقبلا ً ولمته لعدم إخطاري بالخلاف بينهم وبين إدارة الشئون المالية بالهيئة فربما كنت أعالج الموضوع فوعدني بسحب القضية ولكنه لم يفعل رغم أنهم ربحوا الملايين من ذلك العطاء.
    إنتهت دورة المعرض وجاءت الدورة التالية وتقدمت طلبات العطاء ، فماكان من لجنة التسيير المكونة من 15 عضوا ً إلا أن إستبعدوا عطاء أبنا صديقي المرحوم بحجة أن هناك قضية منهم ضد الهيئة بالمحكمة ولم يبت فيها بعد ، وكان ذلك بإجماع كافة أعضاء اللجنة الشيئ الذي سبق أن حذرت إبن صديقي المرحوم الأكبر من حدوثه إذا لم يسحبوا القضية. وبعد أن فرغت لجنة التسيير من النظر في العطاءات رجوتهم أن ننظر عطاء أبناء المرحوم للعلم فقط وفعلا ً وجدنا طلبهم الثالث في الترتيب العام.
    وبتاريخ : 28/1/1984م وصلني خطاب من المراجع القانوني والمصفي لتركة صديقي المرحوم يطلب مني التفاصيل عن المشروع المسجل بإسم المرحوم والدخل والمصروفات في الفترة ماقبل وفاته ، وحتي تاريخ الخطاب ، وقال أن المشروع بمنطقة الدالي والمزموم . ورددت علي الخطاب بتاريخ : 22/4/1984م وأوضحت فيه أن المشروع يقع في أقدي الغربية بالدمازين وأن المشروع هو مشروعي وسبق أن أشرت بتسجيله بإسم المرحوم لأسباب قد زالت الآن وعندي مايثبت ذلك ، وأرسلت صورة من الخطابين للمرحوم عبد العزيز شدو المحامي.
    وبتاريخ: 26/7/1984م وصلني خطاب من محامي ورثة المرحوم يهددني فيه برفع الأمر لمحاكم العدالة الناجزة فرديت عليه بتاريخ : 22/8/1984م وقلت فيه بأنني أرحب برفع الأمر للعدالة وإنتهي الأمر عند هذا الحد.
    ذهبت ومعي زوجتي لمقابلة زوجة صديقي المرحوم قبل وفاتها وقصصت عليها موقف أبناءها فقالت أنه لاعلم لها بأن للمرحوم مشروع زراعي بالدمازين لأنه لا صلة له بتلك المنطقة علي الإطلاق ، وكان ذالك بوجود أحد أبنائها ، فقالت له بالحرف ( كلم أخوانك يردوا لعمهم مالك مشروعه فورا ً).
    ذهبت ذات مرة لأحد أبناء صديقي المرحوم في منزله فقال لي صراحة ً انهم أرسلوا الخطاب بواسطة المحامي لأنهم علموا أنني كنت السبب في حرمانهم من عطاء هيئة المعارض السودانية وأني قد وقفت ضدهم . فنفيت له ذلك وأوضحت له الحقيقة وقلت له أنها وقيعة وإنني مهما عملت لايمكن الجميل الذي طوقني به والدكم في حياته فكيف أقف ضد مصلحة أبنائه. فإقترح علي ّ أن أمنحهم 500 فدان وأن آخذ أنا الألف فدان الباقية .. فقلت له أنني أريد أن أثبت حقي أولا ً ثم بعد ذلك نتفاهم.
    وبعد محاولات عديدة وتردد مستمر علي منزل الأخ الأكبر لأبناء المرحوم نجحت في مرة في مقابلته وقال أنه يقترح أن نعمل إجتماع بحضور عبد العزيز شدو وكل طرف يحضر ماعنده من المستندات ومن يثبت ملكية المشروع يكون من نصيبه .. فوافقت ولكنه أصبح يتهرب من مقابلتي وفي نهاية مقابلتي معه أفادني بأن عند تقسيم ورثة المرحوم كان المشروع من نصيب شقيقتهم ، فقلت له كيف تعطون المرحوم المشروع وأنتم تعلمون جيدا ً الحقيقة بأنني صاحب المشروع. وقلت له ( ماضاع حق وراءه مطالب ). وعندما شعرت بالمرارة من تهربه مني قررت عدم الإتصال به مرة أخري.
    وأخيرا ً إستولوا علي المشروع وأصبحوا يؤجرونه حينا ً ويزرعونه أحيانا ً أخري وأنا أري حقي الضائع ولا أستطيع فعل شئ لأن مكتب الزراعة الآلية بالدمازين يتعاملون معهم بصفتهم ورثة المرحوم وأنا وأهلي وعشيرتي بالدمازين يتميزون من الغيظ بسبب ضياع حق مالك في المشروع وكنت أقول لهم صبرا ً فما ضاع حق ٌ وراءه مطالب.
    لم أفكر يوما ً باللجوء للقضاء والوقوف أمام أبناء المرحوم صديق عمري رغم قناعتي بأنهم لايمتلكون الجرأة للقسم علي اليمين بعد أحقيتي في إمتلاك المشروع وأنها وصية والدهم ووالدتهم. وطيلة هذه السنوات وبكل سجود بكل الصلوات أدعوا الله أن يحل ذمة صديقي المرحوم وأبنائه من زمة هذا المشروع.
    أتصل بي اليوم ( الرجاء ملاحظة التاريخ – بعد 25 عاما ً ) الإثنين 13 يناير2009 أحد أبناء صديقي المرحوم وهو( للأسف ) وزير زراعة سابق بحكومة الإنقاذ وبعد أن عرفني بنفسه قال لي ( نحنا قررنا أن نعيد إليك المشروع الزراعي بالدمازين ولكن الورثة كثيرين ويصعب جمعهم للتنازل ، ولكن أنا بحكم معرفتي لوزارة الزراعة يمكن أن أعطيك تفويضا ً لمباشرة العمل بالمشروع . عرفته بأنني لا أقبل ذلك لأني صاحب المشروع الشرعي وأنت وإخوانك تعلمون ذلك حق العلم ، فأنا لا أقبل إلا إلا تنازل من جميع الورثة وموثق وترسل صورة منه للزراعة الآلية بالخرطوم والدمازين – أنا لا أريد أن أكون مستأجرا ً فأنا صاحب المشروع.وشرحت له أن والده المرحوم كان جادا ً في تحويل ملكية المشروع لي بإتصاله بالمحامي شدو ، ولكن المنية عجلت به ، ومشكلتي الآن هي معكم أنتم الأبناء وليس سواكم لعلمكم التام بذلك. واني أريد المشروع خاليا ً من كل المتأخرات أو أي مطالبات مالية مثلما أخذتموه.
    وجد إبني الفرصة سانحة للإتصال بهم ماداموا قد قرروا التنازل وقابل بتاريخ : 12/4/2008م ابنهم وزير الزراعة السابق الذي أشار عليه بالذهاب لكل الورثة حيثما وجدوا وبرفقة المحامي وتوقيعم علي تنازل كل فرد منهم وقام بإعطائه الأسماء والأرقام ، وذكر له الوزير ان غالبية الابناء موافقون علي التنازل عدا زوجة والدهم وابنها .. بإعتبارهم لايعلمون شيئا ً عن خلفية القضية. وقال له أنه عندما كان بالوزارة كان يرغب في منحي مشروعا ً زراعيا ً بديلا ً لذلك المشروع .. ورد عليه إبني قائلا ً : إن والدي يريد مشروعه فقط وليس سواه. وأن والدي يريد أن يأقابل ربه دون يكون طالبا ً أو مطلوبا.
    وفي صبيحة اليوم التالي مباشرة أي بتاريخ : 13/4/2008م وعند الساعة الحادية عشر صباحا ً كان إبني قد تسلل فجرا ً من المنزل بالخرطوم بسيارته ليصل للدمازين لمعرفة كافة البيانات الحالية عن المشروع قبل ان يذهب ويسافر لمقابلة الورثة ، غادر المنزل دون أن يخطرني برحيله ، وقد عاد لي بمساء بنفس اليوم حاملا ً معه حصاد السنين ليخبرني بأن المشروع الزراعي بأقدي الغربية قد تم نزعه منذ فترة بعيدة بسبب الإهمال وعدم تسديد الرسوم المستحقة من قبل أبناء المرحوم .. وقد تم تقسيمه ومنحه لأربعة ملاك جدد.
    هل يعقل أن ينزع المشروع بدون علم وزير الزراعة السابق . ويريدون أن يعيدوا لي حقي المسلوب وان يتخلصوا من عذاب الضمير بعد ضياعه منهم. هي ليست مصيبتي وحدي بل مصيبة هذي الأرض التي ماتت فيها الزمم.

    سألقاهم جميعا ً عند ربي .. وسأترقبهم جميعا ً هناك.

    بسم الله الرحمن الرحيم

    - ولا تلبسو الحق بالباطل ولاتكتموا الحق وأنتم تعلمون ( البقرة الآية 42)
    - يوم لاينفع مال ولابنون (88) إلا من أتي الله بقلب سليم (89) سورة الشعراء
    - إنا عرضنا الأمانات علي السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان انه كان ظلوما جهولا. (سورة فاطر الآية 43)
    صدق الله العظيم ،،،



    فريق أول شرطة بالمعاش
    مالك أمين نابري
http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=200&msg=1239670058

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق