الخميس، 22 مايو 2014

النفط الصخري قد يغيّر السياسات الاقتصادية في الخليج​

دبي - رويترز ​
تحدث وزير النفط الإماراتي بصراحة غير معتادة من مسئول كبير في منطقة الخليج العربية خلال مؤتمر ​عقدته منظمة أوبك في فيينا في ديسمبر/ كانون الأول بشأن التهديد الذي تواجهه المنظمة من نمو إنتاج ​النفط والغاز في الولايات المتحدة.​
وقال الوزير محمد بن ظاعن الهاملي في اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول إن ثورة الطاقة الصخرية ​الأميركية «مسألة كبيرة».​
وأضاف أن أوبك ينبغي أن تحمي نفسها بأن تجعل نفطها أكثر جاذبية للمستهلكين في العالم. وقررت أوبك ​في فيينا ألا تغير سياسة الإنتاج. ومنذ ذلك الحين يبدو معظم المسئولين الخليجيين خلال الأحاديث العامة ​غير قلقين من إمكانية نجاح تقنيات جديدة في إنتاج مئات المليارات من براميل النفط في الولايات المتحدة ​ودول أخرى.​
لكن تصريحات الهاملي كشفت عن قلق متزايد بشأن النفط الصخري بين المسئولين ورجال الأعمال في ​الخليج قد يفضي في النهاية إلى تغيير في الاستراتيجية الاقتصادية للمنطقة.​
واجتازت دول الخليج العربية الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي حدثت في السنوات القليلة الماضية ​باستخدام أموال النفط لتمويل الزيادات الكبيرة والمستمرة في الإنفاق الحكومي على المنح الاجتماعية ​ومشروعات البنية التحتية.​
ويشير صعود النفط الصخري - الذي قد يدفع أسعار النفط للهبوط في المدى البعيد ويبطئ نمو الطلب على ​الإمدادات الخليجية - إلى أن المنطقة مقبلة على يوم لن تعود فيه قادرة على مواصلة تلك الاستراتيجية.​
ومن ثم ستواجه الحكومات ضغطاً متزايداً لتوفير فرص عمل في قطاعات أخرى وتحفيز القطاعات غير ​النفطية في اقتصاداتها.​
ومن المرجح أن تتسارع جهود توجيه المواطنين إلى القطاع الخاص وتطوير صناعات جديدة لاستيعابهم.​
وقد يتعزز التعاون بين دول الخليج العربية في مجالات شتى من الأسواق المالية إلى بناء سكة حديدية ​إقليمية.​
وقد رصد بعض الاقتصاديين بالفعل بدايات تحول في السياسات. وقال كبير خبراء الاستثمار لدى قسم إدارة ​الثروات في بنك الإمارات دبي الوطني أكبر بنوك دبي، مارك ماكفارلاند، إنه خلال زيارة للسعودية للقاء ​عملائه الشهر الماضي، وجد أن تهديد النفط والغاز الصخريين يدفع إلى «إعادة التفكير» بشأن السياسة ​الاقتصادية.​
وقال إنه يوجد لدى المسئولين الحكوميين ورجال الأعمال في أنحاء الخليج «قلق على مستوى الأفراد، ​كيف سنجد بديلاً لمصدر دخلنا الرئيسي؟» وخلال الأشهر القليلة الماضية زاد القلق بشأن الثورة الصخرية، ​وهي مصطلح جامع لاستخراج النفط والغاز بتقنيات جديدة من مكامن غير تقليدية في الولايات المتحدة ​وفي أنحاء العالم.​
وجاءت تصريحات الهاملي في فيينا بعد تقرير لوكالة الطاقة الدولية في نوفمبر/ تشرين الثاني تنبأ بأن ​الولايات المتحدة ستتخطى السعودية وروسيا لتصبح أكبر منتج للنفط في العالم بحلول العام 2017.​
وستزيد صادرات أميركا الشمالية من النفط عن وارداتها بحلول 2030 تقريباً وستحقق الولايات المتحدة ​الاكتفاء الذاتي من الطاقة بحلول 2035 بحسب التقرير.​
ويقول مسئولون خليجيون إن من السابق لأوانه بكثير افتراض أنهم سيخسرون مركزهم القوي في أسواق ​الطاقة العالمية. وتعتمد توقعات النفط والغاز الصخريين على افتراضات بشأن التكنولوجيا والاحتياطيات ​والربحية ستتطلب سنوات أو عقوداً لحسمها.​
حتى إذا تراجع الطلب على واردات النفط والغاز في الغرب فقد ينتقل ببساطة إلى الاقتصادات سريعة النمو ​في الشرق مثل الصين والهند. وإذا زادت بشدة الإمدادات غير التقليدية من النفط والغاز فستبقى لدى ​الخليج ميزة لمنافسة هذه الإمدادات من حيث التكلفة.​
فالتكلفة التقديرية لإنتاج النفط من المكامن الصخرية الأميركية تبلغ نحو 50-75 دولاراً للبرميل بينما تقل ​تكاليف الإنتاج في الخليج عادة عن 20 دولاراً. غير أن إمكانية استخدام هذه الميزة لدرء تهديد النفط ​الصخري تتقلص؛ فبسبب الزيادة الكبيرة في الإنفاق السعودي يعتقد محللون الآن أن الحكومة السعودية ​تحتاج سعراً يبلغ 65-85 دولاراً لبرميل النفط لتحقيق التعادل في الميزانية بزيادة نحو 20 دولاراً عن ​السنوات القليلة الماضية. لذلك فإن انخفاضاً حاداً في السعر قد يضر الموارد المالية للرياض حتى لو حافظت ​على حصتها السوقية.​
وأفادت وسائل إعلام حكومية سعودية أن وزير البترول السعودي علي النعيمي، ناقش تأثير تزايد إنتاج ​النفط الصخري مع الأمين العام لأوبك عبدالله البدري، في اجتماع عقد في الرياض في يناير/ كانون الثاني ​ لكنها لم تذكر تفاصيل المحادثات.​

وفي علامة أخرى على أن السعوديين يأخذون مسألة النفط والغاز الصخريين على محمل الجد، قالت ​الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) المملوكة للدولة، وهي أكبر شركة للبتروكيماويات في ​المملكة، في نوفمبر إنها تدرس الاستثمار في ثورة الغاز الصخري الأميركي.​

وقال الرئيس التنفيذي للشركة محمد الماضي، إن «سابك» ينبغي أن تشارك في أنشطة الغاز الصخري، ​وينبغي أن تشارك في مصادر أخرى يمكن أن تكون تنافسية أيضاً.​وفي بعض النواحي دول الخليج العربية أفضل استعداداً لمواجهة أي انخفاض في سعر النفط مقارنة بما ​كانت عليه في ثمانينيات القرن الماضي حين أدخلها هبوط مستمر في أسعار النفط في فترات ركود ​استمرت عدة سنوات.​

ونظراً لأن متوسط سعر النفط كان أعلى بكثير من 100 دولار للبرميل على مدى العامين الماضيين فقد ​تكونت لدى دول الخليج احتياطيات مالية بمئات مليارات الدولارات التي قد تستخدمها لمواصلة الإنفاق ​الحكومي لسنوات حتى لو تقلصت إيراداتها النفطية.​وقال كبير الخبراء الاقتصاديين للأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس في لندن، نيل شيرينج: «من ​المرجح أن يكون تأثير النفط الصخري هو أن تدخر بلدان الخليج مبالغ أقل لا أن تنفق أقل... ونحن على ​الأرجح نتحدث عن عملية ستحدث على مدى عقود وليس سنوات».​

لكن على أقل تقدير لم يعد بإمكان دول الخليج في ظل النفط الصخري أن تفترض أن النمو الاقتصادي ​العالمي سيظل يعزز إيراداتها. وفي الأشهر القليلة الماضية عززت عدة دول جهودها للاستعداد لأوقات أكثر ​صعوبة.​

ومن النواحي التي يجري التركيز عليها توجيه المواطنين الخليجيين إلى القطاع الخاص لتخفيف الضغط ​على موارد الدولة التي توظفهم في القطاع العام أو تدفع لهم إعانات بطالة. وأطلقت السعودية ضريبة جديدة للضغط على الشركات لتوظيف مواطنين سعوديين بدلاً من موظفين أجانب أقل أجراً.​

وقالت الإمارات العربية المتحدة إنها تدرس تغييرات في قانون العمل لجعل وظائف القطاع الخاص أكثر ​جاذبية. وتتخذ الحكومات أيضاً خطوات لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط.​

وبدأت السعودية تحرير قطاع الطيران بالسماح لشركات جديدة بالعمل وأعلنت سلطنة عمان عن مشروعات ​صناعية جديدة منها مصنع للصلب باستثمارات 400 مليون دولار وأنشأت صندوقاً حكومياً لدعم المشروعات ​الصغيرة.​

وجرت محادثات جديدة بين الحكومات بشأن شبكة سكك حديدية بمليارات الدولارات لربط دول الخليج قد ​تفيد كثيراً في الاستعداد لتهديد النفط الصخري عن طريق تسهيل التجارة غير النفطية وصناعات جديدة. ​

ومن غير المتوقع أن تقوم دول الخليج بإصلاحات أكبر من ذلك لحين تزايد تهديد النفط الصخري.​

وقد تؤدي إقامة أسواق مشتركة لرأس المال في الخليج إلى تعزيز الاستثمار الخاص عن طريق تسهيل ​تدفق الأموال في أنحاء المنطقة لكن الخصومات السياسية قد تظل عائقاً في سبيل ذلك.​

ومن بين الخطوات المهمة أن تقلل الحكومات اعتمادها شبه الكامل على إيرادات النفط عن طريق فرض ​ضرائب على الدخل والمبيعات.​

لكن بالرغم من أن المنطقة ناقشت على مدى سنوات فرض ضريبة للقيمة المضافة على مستوى الخليج ​إلا أن السلطات تحجم عن تنفيذ هذه الخطة التي من المرجح ألا تلقى قبولاً من المواطنين.​

وبالرغم من ذلك قد تؤدي ثورة النفط والغاز الصخريين في نهاية المطاف إلى إلقاء نظرة على هذه القضايا ​من جديد.​

وقال ماكفارلاند: «من الواضح أن تداعيات إنتاج الغاز الصخري في الولايات المتحدة وتأثيراته على مستقبل ​صناعة البترول السعودية بدأت تشغل العقول».​

2 النفط الصخري وتداعياته عربياً


تزخر الصحافة النفطية بعشرات المقالات عن «النجاح الباهر» الذي يحققه إنتاج النفط الصخري والغاز الحجري في الولايات المتحدة، وعن التحديات التي تواجه هذه الظاهرة الجديدة في الصناعة النفطية المخصصة لاستخراج النفط من مصادر غير تقليدية. ويبرز عنوان مقال صدر أخيراً في مجلة «نيوستيتسمان» البريطانية بقلم أليكس وارد، مثالاً على الرسائل الموجهة في هذه المقالات: «الولايات المتحدة ستصبح أكبر دولة منتجة للنفط في العالم. فهل هي السعودية الجديدة؟» لكن ما هي إنجازات النفط الصخري خلال السنوات الخمس الماضية؟ ارتفع مستوى إنتاج النفط الأميركي إلى مستويات عليا عالمياً، وثمة احتمالات بأن يتخطى هذه المستويات، إذ يُتوقّع أن يرتفع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الخام والسوائل الهيدروكربونية هذا العام نحو سبعة في المئة. وترجّح وزارة الطاقة الأميركية أن يرتفع معدل الإنتاج هذا إلى نحو 11.4 مليون برميل يومياً بحلول نهاية 2013 (تبلغ الطاقة الإنتاجية الحالية للسعودية نحو 11.5 مليون برميل يومياً والطاقة الإنتاجية لروسيا نحو 10.3 مليون برميل يومياً)، بينما يقدّر خبراء «سيتي بنك» أن يصل الإنتاج الأميركي إلى نحو 13 - 15 مليون برميل يومياً بحلول 2020.

وبدأت أسواق النفط العالمية تأخذ في الاعتبار الانعكاسات على الأسعار لإنتاج النفط والغاز الصخريين الأميركيين وتصديرهما في الأجلين القريب والمتوسط، ناهيك عن الأجل البعيد، خصوصاً في ضوء الإمدادات الجديدة المتوقعة من العراق وكازاخستان وأنغولا، وفي وقت ينحسر فيه الطلب العالمي على النفط الخام بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية المتلاحقة منذ 2008. ووفق تقرير وكالة الطاقة الدولية الأخير، «أحوال سوق النفط في الأجل المتوسط»، يُتوقّع خلال السنوات الخمس المقبلة «انخفاض توقعات الطلب على نفط منظمة أوبك، ومع توافر إمدادات نفطية، تقلَّص الطلب على نفط أوبك وسيتقلص أكثر». كذلك يستبعد التقرير ارتفاع الطلب على نفوط «أوبك» عام 2017 عن مستواه الحالي البالغ 31 مليون برميل يومياً، مرجحاً ارتفاع الطاقة الإنتاجية الفائضة لدى بعض بلدان أوبك إلى مستويات مريحة». وتعتبر الطاقة الإنتاجية الفائضة المخصصة لطوارئ الأسواق العالمية للنفط، مؤشراً مهماً إلى إمكانيات ارتفاع أسعار النفط أو هبوطها.

وبحسب وكالة الطاقة الدولية، ثمة أكثر من 300 بليون برميل من احتياطات النفط الصخري ورمال النفط القيري التي يمكن إنتاجها بكلفة 40 - 80 دولاراً للبرميل، في مقابل 110 دولارات لبرميل «برنت» حالياً.

وتعتمد موازنات معظم دول «أوبك» على أسعار للنفط تساوي 85 - 95 دولاراً للبرميل، ما يعني أن هذه الدول ستبذل جهدها للحفاظ على 90 - 100دولار سعراً للبرميل تفادياً لأي عجز في موازناتها وكي تتمكن من الالتزام بتعهداتها الداخلية والخارجية.

وتدل حقيقة الإنتاج الواسع للنفط والغاز الصخري في الولايات المتحدة خصوصاً على الأمور التالية: حصل هذا الإنتاج في أكبر بلد مستهلك ومستورد للنفط في العالم؛ ويعني ازدياد إنتاج الولايات المتحدة للنفط التحقيق التدريجي لهدف سياسي/اقتصادي طالما ردده السياسيون الأميركيون منذ بداية الثمانينات، وهو تحقيق «الاستقلال الطاقوي» وخفض الاعتماد على استيراد النفط، خصوصاً من البلدان العربية، على رغم أن كمية النفط المستوردة أميركياً من البلدان العربية محدودة جداً، لا تتجاوز في غالبية الأحيان 10 في المئة من مجمل الواردات النفطية للولايات المتحدة؛ ويعني بدء التصدير، كما هو حاصل حالياً للغاز وقريباً للنفط، إن الولايات المتحدة ستلعب دوراً مؤثراً لم يكن متوافراً لها في تجارة النفط الدولية، خصوصاً مع اعتمادها على الاقتصاد الحر في تسعير نفطها وغازها: ويعني احتمال تغير مصالح الولايات المتحدة الأمنية تجاه البلدان المنتجة، وعدم إعطاء هذا الأمر الأولوية كما في العقود السابقة، ناهيك عن احتمال تهميش دور «أوبك» ونفوذها. 
هذه الاحتمالات كلها مهمة جداً لصناعة النفط العالمية وتترك بصماتها على الأوضاع الجيوسياسية والنفطية لبلدان الشرق الأوسط. لكن ضروري قبل البدء بالتكهنات حول الانعكاسات، الأخذ في الاعتبار التحديات التي تواجهها هذه الصناعة. معروف، مثلاً، أنها تستخدم كميات كبيرة جداً من المياه، وتلوث الأحواض الجوفية للمياه، ما يشير إلى عقبات جمة أمام تطويرها، وإلى معارضة قوية من المنظمات البيئية ذات النفوذ المتزايد. وهناك أيضاً المعارضة لتصدير النفط والغاز من الولايات المتحدة، والدعاوى القضائية المطالبة بإيقافه كي يستفيد المستهلك الأميركي من الإمدادات بأسعار منخفضة.
 وفي حال تقليص التصدير، تضمحل أهمية دور النفط والغاز الصخري. وهناك محاولات دائبة لشركات نفط عالمية، أوروبية وآسيوية خصوصاً، للاستحواذ على الشركات الأميركية المستقلة التي تنتج النفط الصخري لنقل تقنيته إلى بلدانها، على رغم عقبات كثيرة، منها أيضاً موقف المنظمات البيئية والموارد المائية الشحيحة في بلدان كثيرة وغياب البنية التحتية اللازمة أو ضعفها.

واضح أن النفط الصخري يشكل التحدي الأكبر لنفوط الشرق الأوسط في المستقبل المنظور، على عكس غيره من البدائل الطاقوية المتوافرة التي لم تستطع التغلغل في الأسواق إلا في شكل محدود جداً. هل تعني هذه التطورات اضمحلال أهمية نفوط المنطقة؟ وهل تكمن أهمية نفوط الشرق الأوسط في توافر احتياطات ضخمة أم في الطاقة الإنتاجية الفائضة الحيوية خلال الأزمات؟ ولماذا لا تستطيع الولايات المتحدة الحفاظ على طاقة إنتاجية فائضة على غرار البلدان النفطية العربية؟ واضح أن أهمية الدول النفطية العربية لا تكمن فقط في احتياطاتها الضخمة، بل أيضاً في الطاقة الإنتاجية الفائضة التي تستخدمها لدرء أي نقص عالمي في الإمدادات. وتنفذ الدول

العربية هذه السياسات من خلال شركاتها النفطية الوطنية، أما في الولايات المتحدة، فالشركات الخاصة مسؤولة عن إنتاج النفط، وهي تبغي الربح السريع والفوري، ما يعني اهتمامها بالإنتاج بأقصى طاقة وعدم تأمين طاقة إنتاجية فائضة.

يشكل إنتاج النفط الصخري تحدياً مهماً لدول المنطقة - جيوسياسياً ونفطياً، ومهم أن تشبع مراكز البحوث هذا الموضوع درساً للتعرف على هذه الظاهرة في الشكل والوقت المناسبين وفي شكل رصين.

* مستشار لدى نشرة «ميس» النفطية

3 استخدام أميركا للنفط الحجري يثير صدمة في العرض العالمي

ازدهار استغلال المخزون غير التقليدي من النفط الأميركي الخام مثل النفط الحجري او خزانات النفط ​الخفيف سيؤدي إلى تحولات هائلة في سوق البترول.​

باريس - سيؤدي استغلال النفط غير التقليدي في اميركا الشمالية الى "صدمة" في سوق النفط العالمي ​تشبه في تبعاتها ارتفاع الطلب الصيني على الذهب الاسود على ما اعتبرت الوكالة الدولية للطاقة في ​تقرير الثلاثاء.​

ولخصت المديرة التنفيذية للوكالة ماريا فان در هوفن في بيان في اثناء تقديم التقرير الصادر مرتين سنويا ​حول تطورات السوق النفطية بالقول ان "اميركا الشمالية اثارت موجة صدمة تتوالى تبعاتها حول العالم".​

وتابعت ان ارتفاع العرض العالمي على النفط الذي تقدمه اميركا الشمالية والذي يتفوق على ارتفاع الطلب ​يتوقع ان "يساعد في تهدئة سوق نفطية كانت متوترة نسبيا منذ سنوات".​

كما توقعت الوكالة الدولية للطاقة ارتفاع قدرة انتاج النفط الخام العالمية بكمية 8.3 ملايين برميل في اليوم ​بين 2012 و2018 لتصل الى 103 ملايين برميل في اليوم، في تقديرات اعلى بقليل مما كانت عليها في ​تقريرها السابق. كما توقعت ارتفاع الطلب من 6.9 مليون برميل في اليوم ليبلغ 96.68 مليون برميل في ​اليوم.​

وتابعت الوكالة التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وتدافع عن كبرى الدول المستهلكة للطاقة ان ​نمو قدرات الانتاج سيشمل 6 ملايين برميل في اليوم من دول خارج منظمة الدول المنتجة للنفط (اوبك) من ​بينها 3,9 ملايين من اميركا الشمالية.​

وسينجم ذلك عن ازدهار استغلال المخزون غير التقليدي من النفط الخام في الولايات المتحدة على غرار ​النفط الحجري او الخزانات المحكمة من النفط الخفيف التي يتم استغلالها بشكل اساسي في ولاية داكوتا ​والرمال النفطية في الغرب الكندي.​

ويشهد انتاج هذه المواد تطورا هائلا منذ سنوات على غرار الغاز الحجري.​

وسيؤدي هذا التوسع الكبير في انتاج النفط الاميركي الشمالي الى تحول كبير في سوق النفط في ​السنوات الخمس المقبل يوازي ارتفاع الطلب الصيني على الذهب الاسود في السنوات الخمس عشرة ​الفائتة بحسب الوكالة الدولية للطاقة.​

وهذه الدينامية تتناقض مع التوقعات حول اوبك حيث يتوقع ان تسجل قدرات الانتاج لدى الكارتيل الذي يضخ ​حاليا حوالى 35% من الخام العالمي ارتفاعا اقل مما توقعت الوكالة في تشرين الاول/اكتوبر لتركد في آخر ​الفترة وترتفع بالتالي من 35.35 مليون برميل في اليوم هذا العام الى 36.75 مليون برميل في اليوم عام ​2018.​

وذلك بحسب الوكالة الدولية للطاقة نتيجة "العقبات الجديدة" التي برزت في شمال افريقيا والشرق ​الاوسط في اعقاب "الربيع العربي" وتهدد بإبطاء الاستثمارات في القطاع النفطي.​

بالموازاة خفضت الوكالة قليلا تقديراتها حول نمو الاستهلاك العالمي للنفط في السنوات المقبلة.​

وقدرت الطلب العالمي بـ90.58 مليون برميل في اليوم هذا العام اي اقل بـ20 الف برميل عما قدرت في ​تشرين الاول/اكتوبر.​

كما توقعت ان يرتفع هذا الطلب سنويا من 1.1 مليون برميل في اليوم ليبلغ 96.68 مليون برميل في اليوم ​في 2018 اي بمعدل نمو سنوي يبلغ 1.2%.​

وسيبقى نمو الطلب على هذا المنوال نتيجة الحاجات المتزايدة لدى الدول الناشئة والنامية. كما يتوقع ان ​يتجاوز استهلاك الدول خارج منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية استهلاك الدول الاعضاء اي التي تملك ​اقتصادات "ناضجة" للمرة الاولى في الفصل الجاري.​

غير ان الوكالة الدولية للطاقة اشارت الى تباطؤ بسيط في انمو الطلب الصيني بسبب تطور نموذج التنمية لدى العملاق الاسيوي، الامر الذي ستعوضه مناطق اخرى لا سيما افريقيا التي يتوقع ان يسجل استهلاكها ​ارتفاعا كبيرا.​

وتشير هذه التوقعات الى تمديد التوجهات التي سبق ان اوردتها الوكالة في تقاريرها السابقة ولا سيما في ​دراستها النسوية الكبرى للسوق النفطية التي نشرت في تشرين الثاني/نوفمبر 2012.​

وتوقعت الوكالة في الدراسة ان تتصدر الولايات المتحدة الانتاج العالمي للنفط مع حلول العام 2017 متجاوزة ​الدولتين الابرز حاليا اي روسيا والسعودية، وذلك بفضل المحروقات غير التقليدية.​

ميدل ايست أونلاين .​

4 النفط والغاز الحجري: عصر بترولي جديد؟

معروف ان إنتاج البترول يقضي بالحفر في اليابسة والبحار. لكن ​هناك محاولات دؤوبة لإنتاج البترول من خلال تكسير صخور معينة ​بقوة الماء المضغوط المصاحب للكيماويات. وتوسعت هذه العمليات ​بخاصة في الولايات المتحدة، حيث يسوّق الغاز من الصخور، كما ​تجرى محاولات لتوسيع إنتاج النفط من الصخور. وتشير توقعات ​

أولية إلى احتمال إنتاج نحو مليوني برميل يومياً من النفط الخام ما ​بين ولاية شمال داكوتا إلى تكساس بحلول عام 2020، في مقابل ​نحو 700 ألف برميل يومياً تنتج في الوقت الحاضر من المنطقة ​ذاتها.​

اكتُشف النفط والغاز من الحجر منذ عقود، لكن لم يبدأ إنتاجهما ​التجاري (خصوصاً الغاز) إلا منذ فترة قصيرة جداً. ويتضح من ​المعطيات الأولية، إن النفط والغاز الحجري سيلعبان دوراً مهماً في ​الصناعة البترولية، نظراً إلى الاحتياطات الكبيرة المتوافرة منهما ​عالمياً، وإلى تنافس أسعارهما مع أسعار النفط العالية خلال ​المرحلة الحالية، إضافة إلى كونهما مصدراً محلياً للطاقة، ما ​يساعد على «استقلالية» الدول في حاجاتها الى الطاقة ويقلل ​اعتمادها على الاستيراد. وقد انطلقت هذه الصناعة في أميركا ​الشمالية أخيراً بحيث بدأت الولايات المتحدة تصدّر الغاز بدلاً من ​استيراده، وبدأت الصناعة الجديدة تتغلغل تدريجاً إلى أوروبا وآسيا.​لكن، مثل أي صناعة حديثة أخرى، هناك مخاوف ومحاذير من ​مصادر الطاقة الجديدة هذه، فهناك تخوف من كمية المياه العذبة ​الواجب استعمالها من اجل تكسير الصخور لاستخراج البترول من داخلها، وهناك أيضاً مشكلة الكيماويات المستعملة في هذه المياه ​وتسربها إلى أحواض المياه الجوفية القريبة. وقد بادرت جمعيات ​حماية البيئة الى معارضة هذه الصناعة، وشرّع بعض الولايات ​الأميركية قوانين ضدها، وحاولت فرنسا منعها في أراضيها. لكن ​هذا لم يمنع دولاً أخرى مثل بولندا وأستراليا والهند والصين وغيرها ​

من الاستكشاف والتنقيب والتطوير. لكن ندرة المياه والخوف من ​تلوّث الأحواض المائية الجوفية يعرقل نمو هذه الصناعة حتى ​إشعار آخر.​

تشير معلومات أولية الى ان احتياط الغاز الحجري يضاعف كميات ​الغاز العالمية، كما انه يوزع هذه الاحتياطات في شكل أوسع ما ​بين دول العالم. وقد شكل الغاز الحجري نحو 15 في المئة من ​مجمل إنتاج الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة عام 2010. ونجد ​بالفعل ان النجاحات التي تحققت في الولايات المتحدة، قد شجعت ​دولاً عدة على درس الإنتاج من الصخور. واستطاعت الولايات ​المتحدة بين 2007 و2010 زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي بنحو 40 ​في المئة. 
فهل تستطيع الولايات المتحدة الاستمرار في اكتشاف ​هذه الاحتياطات الضخمة من الغاز، والى متى؟​

إن نجاح هذه الصناعة الجديدة، سيعتمد في الأساس على كلفة ​الانتاج، التي تختلف بالطبع ما بين حقل وآخر، اعتماداً على ​جيولوجية المنطقة، كما تختلف ما بين دولة وأخرى، اعتماداً على ​معدل الكلفة من الحقول المختلفة. وهناك أيضاً، معدل الضرائب ​

والمساعدات الحكومية ومدى التأثير في كلفة الإنتاج في بلد ​معين. وتشير تقديرات أولية في أميركا، الى أن معدل كلفة الإنتاج ​يبلغ نحو 4-5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بل إن هذه ​الكلفة قد انخفضت إلى نحو دولارين لكل مليون وحدة حرارية ​بريطانية في بعض الأحيان. وطبعاً تختلف أسعار مبيعات الغاز ​الطبيعي عالمياً بين منطقة وأخرى وفترة وأخرى. ويبلغ معدل سعر ​وارداته إلى أوروبا حالياً نحو 9-10 دولارات لكل مليون وحدة حرارية ​بريطانية، بينما تراوحت الاسعار في بعض الأحيان ما بين 8 و14 ​دولاراً للوحدة. هذا يعني بالفعل، أن إنتاج الغاز الصخري في ​

الولايات المتحدة اقل كثيراً من أسعار البيع العالمية.​

نشأت صناعة الغاز والنفط الحجري الأميركية ونمت بمبادرات ​واستثمارات من شركات بترولية صغيرة. ومن ثم بادرت الشركات ​البترولية العملاقة الى اللحاق بالشركات الأصغر، إما من طريق ​شرائها او الاندماج معها. وهذا ما حدث بالفعل عام 2009 عندما ​اشترت شركة «اكسون موبيل» العملاقة شركة «اكس تي او» ​بقيمة 41 بليون دولار. وهناك أمثلة اخرى منذ عام 2008، بخاصة ​في الآونة الأخيرة، من جانب الشركات الآسيوية التي تنوي حيازة ​الخبرة والتقنية في هذا المجال من شركات أميركا الشمالية، ​إضافة الى المشاركة في الاحتياطات الغازية هناك. وعلى سبيل ​

المثال، فقد اشترت شركة «ريلايانس» الهندية الخاصة عام 2010 ​نحو 40 في المئة من أصول شركة «اتلس انرجي مارسيلوس» ​بقيمة 1.7 بليون دولار. ويعتبر حقل مارسيلوس، في ولاية ​بنسلفانيا الأميركية، من اكبر حقول الغاز الصخري في الولايات ​

المتحدة. ​

وتشير معلومات أولية إلى توافر الغاز الصخري في عدد من الدول ​العربية، منها عمان والسعودية والأردن، والجزائر والمغرب وتونس. ​

لكن هذه الصناعة تواجه عقبتين رئيسيتن إقليمياً: ندرة المياه ​والخوف من تلوّث الأحواض الجوفية للمياه العذبة اولاً، وثانياً، ان ​سعر الغاز الطبيعي في الأسواق المحلية في الكثير من الدول ​العربية يراوح بين دولار ودولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، ​وفي بعض الدول يقل السعر المحلي عن دولار واحد، ما يجعل إنتاج هذا النوع من الغاز غير مجد اقتصادياً، خصوصاً في الدول ​البترولية. 
لكن، على رغم ذلك، هناك دراسات واتفاقات مع شركات ​دولية لإنتاج الغاز الصخري في بعض الدول العربية. فهل سيبرهن ​هذا الغاز على جدواه الاقتصادية عربياً؟ وكيف تتأمن المياه الوفيرة ​التي تتطلبها هذه الصناعة بخاصة مع ندرة المياه في الشرق الأوسط .​

المقالات كثير ولا تكاد تنتهي عن هذا الخطر يقال ان اكتشاف البترول الصخري سيغير السياسة العسكرية للولايات المتحدة 190 درجة في الشرق الاوسط والموضوع كبير وكبير جداً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق