السبت، 30 نوفمبر 2013

قصيــــدة بــــــك أســـــــتجير للشاعر السوداني عبد العزيز المذهل









بك أستجير ومن يجير سواك فأجر ضعيفا يحتمي بحماك
إني ضعيف وأستعين على قوى ذنبي ومعصيتي ببعض قواك
أذنبت يا ربي وآذتني ذنوب مالها من غافر إلا ك
دنياي غرتني وعفوك غرني ما حيلتي في هذه أو ذاك
لو أن قلبي شك لم يك مؤمنا بكريم عفوك ما غوى وعصاك
يا مدرك الأبصار ، والأبصار لا تدري له ولكنه إدراك
أتراك عين والعيون لها مدى ما جاوزته ، ولا مدى لمداك
إن لم تكن عيني تراك فإنني في كل شيء أستبين علاك
يا منبت الأزهار عاطرة الشذا هذا الشذا الفواح نفح شذاك
يا مرسل الأطيار تصدح في الربا صدحاتها تسبيحة لعلاك
يا مجري الأنهار : ما جريانها إلا انفعالة قطرة لنداك
رباه ها أنا ذا خلصت من الهوى واستقبل القلب الخلي هواك
وتركت أنسي بالحياة ولهوها ولقيت كل الأنس في نجواك
ونسيت حبي واعتزلت أحبتي ونسيت نفسي خوف أن أنساك
ذقت الهوا مراً ولم أذق الهوى يارب حلواً قبل أن أهواك
أنا كنت يا ربي أسير غشاوة رانت على قلبي فضل سناك
واليوم يا ربي مسحت غشاوتي وبدأت بالقلب البصير أراك
يا غافر الذنب العظيم وقابلا للتوب: قلبي تائب ناجاك
أترده وترد صادق توبتي حاشاك ترفض تائبا حاشاك
يا رب جئتك نادماً أبكي على ما قدمته يداي لا أتباكى
أنا لست أخشى من لقاء جهنم وعذابها لكنني أخشاك
أخشى من العرض الرهيب عليك يا ربي وأخشى منك إذ ألقاك
يا رب عدت إلى رحابك تائباً مستسلما مستمسكاً بعراك
مالي وما للأغنياء وأنت يا رب الغني ولا يحد غناك
مالي وما للأقوياء وأنت يا ربي ورب الناس ما أقواك
مالي وأبواب الملوك وأنت من خلق الملوك وقسم الأملاك
إني أويت لكل مأوى في الحياة فما رأيت أعز من مأواك
وتلمست نفسي السبيل إلى النجاة فلم تجد منجى سوى منجاك
وبحثت عن سر السعادة جاهداً فوجدت هذا السر في تقواك
فليرض عني الناس أو فليسخطوا أنا لم أعد أسعى لغير رضاك
أدعوك يا ربي لتغفر حوبتي وتعينني وتمدني بهداك
فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي ما خاب يوما من دعا ورجاك
يا رب هذا العصر ألحد عندما سخرت يا ربي له دنياك
علمته من علمك النوويَّ ما علمته فإذا به عاداك
ما كاد يطلق للعلا صاروخه حتى أشاح بوجهه وقلاك
واغتر حتى ظن أن الكون في يمنى بني الانسان لا يمناك
و ما درى الانسان أن جميع ما وصلت إليه يداه من نعماك ؟
أو ما درى الانسان أنك لو أردت لظلت الذرات في مخباك
لو شئت يا ربي هوى صاروخه أو لو أردت لما أستطاع حراك
يأيها الانسان مهلا وائتئذ واشكر لربك فضل ما أولاك
واسجد لمولاك القدير فإنما مستحدثات العلم من مولاك
الله مازك دون سائر خلقه وبنعمة العقل البصير حباك
أفإن هداك بعلمه لعجيبة تزور عنه وينثني عطفاك
إن النواة ولكترنات التي تجري يراها الله حين يراك
ماكنت تقوى أن تفتت ذرة منهن لولا الله الذي سواك
كل العجائب صنعة العقل الذي هو صنعة الله الذي سواك
والعقل ليس بمدرك شيئا اذا مالله لم يكتب له الإدراك
لله في الآفاق آيات لعل أقلها هو ما إليه هداك
ولعل ما في النفس من آياته عجب عجاب لو ترى عيناك
والكون مشحون بأسرار إذا حاولت تفسيراً لها أعياك
قل للطبيب تخطفته يد الردى يا شافي الأمراض : من أرداك؟
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما عجزت فنون الطب : من عافاك؟
قل للصحيح يموت لا من علة من بالمنايا ياصحيح دهاك؟
قل للبصير وكان يحذر حفرة فهوى بها من ذا الذي أهواك؟
بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحام بلا اصطدام : من يقود خطاك؟
قل للجنين يعيش معزولا بلا راع ومرعى : ما الذي يرعاك؟
قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء لدى الولادة : ما الذي أبكاك؟
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه فاسأله : من ذا بالسموم حشاك؟
وأسأله كيف تعيش ياثعبان أو تحيى وهذا السم يملأ فاك؟
وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهداً وقل للشهد من حلاَّك؟
بل سائل اللبن المصفى كان بين دم وفرث ما الذي صفاك؟
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا ميت فاسأله: من أحياك؟
وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعاً فاسأله : مِنْ أين البياضُ أتاك؟
وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحماً فاسأله: منْ ذا بالسواد طلاك؟
قل للنبات يجف بعد تعهد ورعاية : من بالجفاف رماك؟
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو وحده فاسأله : من أرباك؟
وإذا رأيت البدر يسري ناشرا أنواره فاسأله : من أسراك؟
وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبعد كلّ شيء ما الذي أدناك؟
قل للمرير من الثمار من الذي بالمر من دون الثمار غذاك؟
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى فاسأله : من يا نخل شق نواك؟
وإذا رأيت النار شب لهيبها فاسأل لهيب النار: من أوراك؟
وإذا ترى الجبل الأشم منا طحاً قمم السحاب فسله من أرساك؟
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال جرى فسله؟ من الذي أجراك؟
وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج طغى فسله: من الذي أطغاك؟
وإذا رأيت الليل يغشى داجيا فاسأله : من يا ليل حاك دجاك؟
وإذا رأيت الصبح يُسفر صاحياً فاسأله: من ياصبح صاغ ضحاك؟
هذي عجائب طالما أخذت بها عيناك وانفتحت بها أذناك!
والله في كل العجائب ماثل إن لم تكن لتراه فهو يراك؟
يا أيها الإنسان مهلا مالذي بالله جل جلاله أغراك؟
حاذر إذا تغزو الفضاء فربما ثآر الفضاء لنفسه فغزاك؟
اغز الفضاء ولا تكن مستعمراً أو مستغلا باغيا سفاك
إياك ان ترقى بالاستعمار في حرم السموات العلا إياك
إن السموات العلا حرم طهور يحرق المستعمر الأفاك
إن الكواكب سوف يفسد أمرها وتسيء عقباها إلى عقباك
ولسوف تعلم أن في هذا قيام الساعة الكبرى هنا وهناك
أنا لا أثبط من جهود العلم أو أنا في طريقك أغرس الأشواك
لكنني لك ناصح فالعلم إن أخطأت في تسخيره أفناك
سخر نشاط العلم في حقل الرخاء يصغ من الذهب النضار ثراك
سخره يملأ بالسلام وبالتعاون عالماً متناحراً سفاكا
وادفع به شر الحياة وسوءها وامسح بنعمى نوره بؤساك
العلم إحياء وإنشاء وليس العلم تدميراً ولا إهلاكا
فإذا أردت العلم منحرفاً فما أشقى الحياة به وما اشقاك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق